MAFFIA
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الرسالة بين التصديق والتكذيب بها

اذهب الى الأسفل

الرسالة بين التصديق والتكذيب بها Empty الرسالة بين التصديق والتكذيب بها

مُساهمة  غدآ تتفتح الزهور الخميس يناير 20, 2011 3:53 am


يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز وهو يقسّم الناس إلى قسمين، قسم الذين كذبوا على الله، وقسم الذين صدقوا على الله: {فمن أظلم ممن كذب على الله وكذّب بالصدق إذ جاءه}.
تكذيب الرسل
هناك فريق من الناس، وهم الذين عاصروا الرسُل، وواجهوا الرسالات، كذبوا على الله في ما كانوا ينسبونه إليه، حيث كانوا ينسبون إليه الكثير من خرافاتهم ومن أوضاعهم، وهكذا كانوا يعبدون الأصنام، ويقولون: {ما نعبدهم إلا ليقرّبونا إلى الله زلفى} (الزمر:3)، فهم يعبدون هذه الأصنام، ظناً منهم أنّها تقرّبهم إلى الله، وتجعل الله يقبل شفاعتهم، وهي لم تكن سوى مجرد أصنام من أحجار أو من أخشاب وما إلى ذلك.
وهكذا عندما جاءهم الرسل، أنكروا الرسالة، واعتبروا أنه لا يمكن أن يكون الرسول بشراً، بل لا بدَّ أن يكون من الملائكة، مع أن الرسل قدموا لهم الحجج والبراهين التي تقنعهم، ولكنهم من خلال تعقيداتهم، ومن خلال رواسب الشرك والضلال في شخصياتهم، لم يصدقوا الرسل، بل كذبوا بالصدق، وكلمة الصدق يُراد بها الحق الذي جاء به الرسل.
ولذا، فإن الله يقول عن هؤلاء: {أليس في جهنم مثوى للكافرين} (الزمر:32). إن هؤلاء كفروا بالله وبرسله ورسالاته، وكذبوا على الله بعد إقامة الحجة عليهم، ولذلك فإن مأواهم جهنم.
أما القسم الآخر، فهو الذي جاء بالصدق وصدّق به، أي الذي جاء في حركته في الواقع الثقافي والاجتماعي، بالصدق وبالحق، وبما جاءت به الرسل من الرسالات، ولم يقتصر على أنه جاء بالصدق وقدّمه للناس، ولكن كان أول من صدّق به.
هذا في مقابل الكثير من الناس الذين يأتون بالشعارات الكبرى وبالإصلاح والتغيير، ولكنهم لا يؤمنون بها، أي أنهم يبيعون المبادىء والشعارات للناس، ولكنهم لا يؤمنون بها ولا يتفاعلون معها.
المتقـون المصدّقون للرسل
أما الأنبياء والأولياء وأتباع الرسل من الدّعاة إلى الله وإلى الرسالات، فهم الذين يأتون بالصدق ويصدّقون به. وهذا ما حدّثنا الله عن نبيه عليه(ص): {وأُمرت لأن أكون أول المسلمين} (الزمر:12)، أي أنّني عندما أدعو إلى الإسلام، فأنا أول من ينتمي إلى الإسلام ويؤمن به، وأول من يسلِّم أمره إلى الله سبحانه وتعالى، {والذي جاء بالصدق وصدّق به أولئك هم المتقون} (الزمر:33)، لأنهم آمنوا بالله، واستشعروا رقابته في كل ما يقولون، فلا يقولون إلا صدقاً، وفي كل ما يعملون، فلا يعملون إلا طاعةً.
هؤلاء هم المتّقون، الذين يخافون الله ويتقونه ويتحركون في خطِّ طاعته. وهؤلاء كيف يعاملهم الله؟ {لهم ما يشاؤون عند ربهم}، إن الله لا يفرض لهم شيئاً معيناً، ولكنهم من خلال إخلاصهم لله وقربهم إليه، عندما يقبلون إليه في الدار الآخرة، يقول لهم تمنّوا عليَّ ما شئتم، {ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدّعون* نزلاً من غفور رحيم} (فصِّلت:31-32).
{ذلك جزاء المحسنين} (الزمر:34)، الذين أحسنوا إيمانهم، فكان إيمانهم خالصاً، صافياً، صادقاً، لا شائبة فيه من شوائب الكفر أو من شوائب الضلال، وأحسنوا أعمالهم، فأطاعوا الله بما أمرهم به وبما نهاهم عنه، {ليكفِّر الله عنهم أسوأ الذي عملوا} (الزمر:35)، عندما يقدمون على الله حاملين معهم سيئاتهم من أعمال الدنيا، فإن الله سبحانه وتعالى يكفّر عنهم هذه السيئات، بحيث لا يبقى عليهم شيء مما عصوا الله فيه، لأن الله {يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات} (الشورى:25)، "والتائب من الذنب كمن لا ذنب له".
{ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون} (الزمر:35)، يجزيهم أجرهم بأفضل ما قدّموه، من إخلاص لله في العمل، ومن إطاعته والسير إلى مواقع القرب منه، ليحصلوا بذلك على رضوانه، {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} (المطففين:26).
الله صاحب القدرة المطلقة
ثم يقول الله لكلِّ الذين يشعرون باليأس، ويثقلهم الفقر والبلاء، فيشعرون بالإحباط وبالسقوط، يقول لهم: {أليس الله بكافٍ عبده}، أي أن الله الذي خلقكم، هو من يتكفل برزقكم وحياتكم، لأنه هو واهب الحياة وكل ما فيها للناس، لذلك فهو يمنح عبده كل ما يحتاجه في الدنيا. {ويخوفونك بالذين من دونه}، حيث يأتي أناسٌ يحاولون أن يفقدوكم الثقة بالله، وأن لا تنفتحوا على الرجاء له والطلب منه، ليربطوكم بعباد الله الذين يمثلون الاستكبار والظلم، ويمثلون القوة الغاشمة المسيطرة، ويقولون لكم أطيعوا هؤلاء واعملوا على حسب ما يأمرونكم به، وما ينهونكم عنه، لا تطيعوا الله، بل أطيعوا هؤلاء، أعصوا الله لمصلحة هؤلاء، لأنكم إذا لم تطيعوهم في معصية الله، فإنهم سوف يخوفونكم وسوف يقمعونكم {ويخوفونك بالذين من دونه}، فلا تخافوهم، فمن كان الله كافيه، فلا يستطيع أحد أن يخذله، {أليس الله بكافٍ عبده}. فعلى الإنسان أن يثق بالله الثقة المطلقة، لأن الله هو القاهر فوق عباده، ولأنّه المهيمن على الأمر كلّه في الدّنيا والآخرة.
{ومن يضلل الله فما له من هاد} (الزمر:36)، من تركه الله لنفسه ولضلاله، عندما اختار الضلال، نتيجة الشياطين الذين أوحوا إليه بالضلال، فليس له من هاد، لأن الله هو الذي يضع الهدى في عقل الإنسان وفي كل كيانه، {ومن يهد الله}، إذا هداك الله، فأشرق عقلك بالإيمان، وأشرق قلبك بالرحمة، وأشرقت حياتك بالطاعة، {فما له من مضلّ}.
{أليس الله بعزيزٍ ذي انتقام} (الزمر:37)، إن القوة لله جميعاً، وإن العزة لله جميعاً، فلن يستطيع أحد أن يذلّك إذا أراد الله عزّتك، أو أن يضعفك إذا أراد الله يقويك، {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنـزع الملك ممن تشاء وتعزّ من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير} (آل عمران:26).
وقد ورد عندنا في الحديث: "من أراد عزاً بلا عشيرة، وهيبةً بلا سلطان، فلينتقل من ذلّ معصية الله إلى عزّ طاعته". والحمد لله رب العالمين.
غدآ تتفتح الزهور
غدآ تتفتح الزهور

عدد المساهمات : 940
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 05/01/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى