MAFFIA
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الجدال في موقع الحلول الاجتماعي

اذهب الى الأسفل

الجدال في موقع الحلول الاجتماعي Empty الجدال في موقع الحلول الاجتماعي

مُساهمة  غدآ تتفتح الزهور الخميس يناير 20, 2011 3:50 am

بسم الله الرحمن الرحيم
ة
من الأمور التي تجادل فيها الناس بعد الآيات المسائل الاجتماعية، التي قد يتعرض لها الفرد على ضوء الأحكام التي وردت في القرآن الكريم. وهذا الجدال نطّل عليه من خلال قصّةً وردت في القرآن الكريم، وحدثت في زمن الرسول(ص)، وهي إنّ امرأة من المسلمين أراد زوجها أن يطلّقها بطريقة كانت معروفة في الجاهلية، وهي طريقة الظِهار، بأن يقول لها: "أنتِ عليّ كظهر أُمي"، وهو ما كان يمثّل وسيلة من وسائل الطلاق في الجاهلية. وقد صَعُبَ هذا الموضوع على المرأة، فجاءت تجادل رسول الله(ص) في هذه المسألة، وتطلب منه حلاً يبعدها عن تجرّع كأس الطلاق، نتيجة أنها لا تريد الخروج من هذا الجوّ العائلي. وقد سمع الله سبحانه وتعالى قول هذه المرأة، ما نستوحي منه أن النبي(ص) كان يتّسع صدره للشكاوى التي تأتيه من الناس نساءً ورجالاً، حتى لو كانت هذه الشكوى تتمثَّل في شيءٍ من الإلحاح ومن العنف في المطالبة، لأن النبي(ص) كان يعيش مع الناس الجوَّ الرسالي، فلم يميِّز نفسه عن الآخرين، على الرَّغم من أنَّ الله هو الذي اصطفاه، وهو الذي أرسله وكرَّمه وميَّزه على الآخرين، ولكنه في خلقه العظيم، وفي رأفته ورحمته بالمؤمنين، كان يعيش معهم كواحدٍ منهم، لا يميِّز نفسه عن أيِّ واحدٍ منهم، لا في المجلس ولا في الكلام وما إلى ذلك.
حتى قال عنه بعض أصحابه وهو يتحدث عن سلوكه وسيرته مع أصحابه: "كان فينا كأحدنا"، حتى إنَّ القادم كان عندما يأتي إلى النبي(ص) ليلتقي به، كان لا يميِّز النبي عن غيره، لأنَّ النبي(ص) كان لا يتميَّز لا بلباس معين، كما هو الحال في هذه الأيام بالنسبة إلى العلماء، بل كان يلبس ما يلبسه النَّاس، ولا بجلسة معيَّنة، أي لم يكن يجلس على كرسيٍّ خاصة به أو ما أشبه ذلك، ولذلك اتفق المسلمون معه على أن يضعوا له حجراً يجلس عليه، حتى يعرفه القادم من خلال ذلك.
فالنبي(ص) كان يستمع لكلِّ الناس ويتقبَّل كلَّ حوار وكلَّ جدال، وهذا ما ينبغي لكل المسؤولين أن يهتدوا به على المستوى الديني وعلى مستوى القضايا العامة التي تتّصل بحياة الناس، أن يستمعوا إليهم ويعملوا على حل مشاكلهم بطريقة وبأخرى، إما بشكل مباشر أو غير مباشر.
كما إنّنا نستوحي من الآية كيف أن الله سبحانه وتعالى برأفته ورحمته بعباده، أكّد أنه كان يسمع حوار النبي مع هذه المرأة، قال تعالى: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما}. ونحن نعيش هذا الأفق من الرحمة الإلهية، فالله سبحانه وتعالى بعظمته استمع إلى هذه المرأة وحلّ لها مشكلتها {إنَّ الله سميع بصير}. ثم إنَّ الله سبحانه وتعالى أراد أن يلغي هذا الأسلوب غير الواقعي في مسألة الطلاق، أي أن يقول الإنسان لامرأته أنت عليّ كظهر أمي فتحرم عليه امرأته، لأنه شبّهها في علاقته بها بأمه التي يحرم عليه أية علاقة معها تتجاوز معنى الأمومة. {الذين يظاهرون منكم من نسائهم} يظاهرون أي يقولون لهم هذه الكلمة، حتى إنّ الفقهاء أضافوا إليها: أنتِ عليّ كظهر أختي، وما إلى ذلك من محارمه.
فالله سبحانه وتعالى يقول إن هذا كلام غير صحيح، {الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هنّ أمهاتّهم}، أي عندما يقول الزوج لزوجته "أنتِ عليّ كظهر أمي"، فليس معنى ذلك أنها تصبح مثل أمه، لأن قضيَّة الأمومة لها معنى معين، وبرنامج معين فلا تشبه أية امرأة أمَّه في معنى الأمومة، {ما هنَّ أمّهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم}، فالأم الحقيقية هي التي تلد الإنسان، {وإنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً}، أي إنّ هذا الكلام كلام منكر وكلام باطل، لأنه لا يمثل الحقيقة ويأثم الإنسان على قوله.
وعلى هذا الأساس، فرض الله تعالى كفّارة على القائل إذا أراد أن يرجع إلى امرأته، {إن الله لعفوّ غفور} يعفو عن الإنسان ويغفر له إذا تراجع عن ذلك. ثم يقول تعالى: {والّذين يظاهرون من نسائهم}، الذين يقولون هذا القول {ثم يعودون لما قالوا}، أي إذا أراد الرّجل أن يرجع إلى امرأته، {فتحرير رقبة}، فعليه أن يعتق رقبةً في ذلك الزّمان الذي كان النَّاس يملكون العبيد، والإسلام حاول أن يحرِّر العبيد، بأن جعل تحرير العبيد كفَّارةً لكثير من الذنوب، كالذي يفطر في شهر رمضان متعمّداً، أو كالذي يظاهر وما إلى ذلك في هذا المجال. ولذلك استطاع الإسلام أن يحرِّر العبيد من دون أية ثورة، بل بهذه الوسائل العملية التي فرضها على الناس.
{فتحرير رقبة من قبل أن يتماسَّا} من قبل أن يمارس الرجل علاقته مع زوجته {ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير}. ثم يقول إنّه لو فرضنا أن الإنسان قال ذلك، ولم يكن هناك عبيد، أو لم يستطع أن يحرِّر عبداً، ولا توجد الإمكانات التي يستطيع من خلالها أن يحرِّر عبداً، مثل هذه الأيام لا يوجد عندنا عبيد، وكل الناس أحرار.
يقول تعالى: {فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسَّا}، أي عليه أن يصوم شهرين، ثم يجوز له أن يعيش مع زوجته عيش الأزواج مع زوجاتهم، {فمن لم يستطع}، يعني إذا كان عنده حالة مرضية لا يستطيع من خلالها أن يصوم شهرين متتابعين {فإطعام ستين مسكيناً ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم}(المجادلة/2-4).
فهذه المسألة وقعت كما ذكرنا موقع الجدال، ولكنّه جدال في مقام الشكوى، وليس جدلاً على نحو الحوار الذي يُراد الوصول من خلاله إلى الحقيقة، بل هو جدال تريد المرأة من خلاله الوصول إلى حلٍّ للمشكلة. وقد حلَّ الله سبحانه وتعالى لها مشكلتها، بأن جعل للمسألة مخرجاً، وحرَّم هذا الأمر على المسلمين في هذا المجال.
وقد تحدَّث الله سبحانه وتعالى عن ذلك في آية أخرى، عندما تحدّث عن قضية التبني، فقال: {وما جعل أدعياءكم أبناءكم}(الأحزاب/4).
وهناك مسألة تتحدَّث عن الجدال في الموقف، في أصعب المواقف على الإنسان، وهو الموقف الذي يقف فيه الإنسان أمام ربه في الحساب الأخير، لأنَّ الإنسان في يوم القيامة أوَّل ما يقدَّم له كتابه، فيقال له: {اقرأ كتابك _ وهو كتاب صحيفة الأعمال _ كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً}(الإسراء/14)، ثم بعد ذلك يقرأ كتاب أعماله، فإذا كان قد أسلف الكثير من الخطايا ومن المعاصي، فإنه يفاجأ بالإحصائيات الدقيقة في هذا الكتاب.
ولذلك يقول تعالى: {ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً}(الكهف49) {وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}(النحل/118). فالإنسان في يوم القيامة هو الذي يجادل عن نفسه، وهو الذي يدافع عنها. بعض الناس يتصوّر أنّه سيقف أمام الله كما يقف إذا جاءه شخص بتهمة فيحلف له، {فيحلفون له كما يحلفون لكم}(المجادلة/18)، والله لم أفعل ذلك، والله تعالى يعلم كل شيء، هو المطَّلع على كلِّ شيء. فعلى الإنسان أن يجادل عن نفسه، أي أن يحامي ويدافع عن نفسه في هذا الموقف العظيم {يوم تأتي كلُّ نفسٍ تجادل عن نفسها}(النحل/111)، وإذا كان الإنسان يجد في الدنيا من يجادل عنه، فإنّه في الآخرة لن يجد من يجادل عنه.
وهذا هو قوله تعالى: {ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا}، فقد جادلتم ودافعتم في الحياة الدّنيا عن المجرمين والخائنين من أقربائكم أو من أصدقائكم، وعملتم على إنقاذهم من نتائج الجريمة ونتائج الخطيئة، لكن كيف يمكن أن تجادلوا عنهم أمام الله؟! الإنسان في الدنيا بإمكانه أن يجادل بالحق وبالباطل، كما نجد ذلك في المحاماة، فإن الكثير ممن يتّخذون المحاماة مهنةً، ربما يستخدمون بعض القوانين في سبيل الدفاع عمَّن وُكِّلوا عنه، ولكنه دفاع بالباطل، لأنهم يستطيعون أن يتلاعبوا بمضمون القانون هنا وهناك، أمّا في الآخرة، فلا يمكن الجدال إلاّ بالحقّ. {ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدّنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلاً}(النساء/109).
غدآ تتفتح الزهور
غدآ تتفتح الزهور

عدد المساهمات : 940
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 05/01/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى