MAFFIA
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

لاستغفار والاحتكام إلى الرسول

اذهب الى الأسفل

لاستغفار والاحتكام إلى الرسول Empty لاستغفار والاحتكام إلى الرسول

مُساهمة  غدآ تتفتح الزهور الخميس يناير 20, 2011 3:46 am

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين وعلى جميع أنبياء الله والمرسلين، السلام عليكم أيها الأخوة المؤمنون والأخوات المؤمنات ورحمة الله وبركاته.
يبيّن الله تعالى حال الذين ظلموا أنفسهم بالكفر أو بالشرك أو بالانحراف عن القاعدة الإسلامية، هذا النوع من الظلم الذي يجعل الإنسان يتحرك في مسيرته إلى نار جهنم من خلال غضب الله وسخطه، لأن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. إنَّ الله فتح لهؤلاء باب التوبة، وذلك بأن يستغفروا الله من هذه الخطيئة الكبرى، وهي الشرك ليصيروا إلى التوحيد، والكفر ليصيروا إلى الإيمان، وذلك بأن يأتوا في بعض الحالات إلى النبي (ص) بعد أن يستغفروا الله، ليدللوا على الرجعة والإنابة إلى الله بأن يطلبوا من النبي (ص) أن يستغفر لهم.
وعلى ضوء ذلك، فإنَّ الله تعالى يعدهم بالاستجابة لهم في استغفارهم، وفي استغفار النبي لهم، وهذا ما تحدَّث الله تعالى عنه في نموذج المنافقين الذين أظهروا الإسلام ليحافظوا على امتيازاتهم في المجتمع الإسلامي، وليتفادوا النتائج السلبية على المستوى الاجتماعي مما قد يوجّه إلى الكافرين من عقوبات وما إلى ذلك.
يقول تعالى عن هؤلاء في سلوكهم العام والخاص الذي يدلل على رفضهم للخطّ الإيماني التوحيدي الإسلامي فيما ينبغي للمسلم أن يأخذ به: {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك} (النساء/60)، هؤلاء الذين يأتون إليك ويقولون نشهد بأنّك رسول الله، بعد الشهادة لله بالوحدانية، ويشهدون بصدق الرسل الذين تقدموا النبي (ص) فيما أنزل الله عليهم من الرسالات، هؤلاء {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به}، هذه الحالة تمثل حالة التحاكم إلى الطاغوت، والطاغوت هو رمزٌ لكلِّ خطٍ أو شخص مخالف ومضادّ لله سبحانه وتعالى، ومن المعروف أنّ الرسل عندما كانوا يأتون إلى أممهم، كان شعارهم الكبير هو أن يعبدوا الله وأن يجتنبوا الطاغوت، لأنَّ مسألة عبادة الله تعالى هي إسلام الأمر إلى سبحانه وتعالى في كل ما أوحى به، وفي كل ما شرعه، وفي كلّ ما أراد للناس أن يجعلوه ميزاناً لهم في كل خلافاتهم بعضهم مع بعض.
وهذا ما عبَّر عنه القرآن الكريم بقوله تعالى: {فلا وربّك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم}، أي حتى يجعلوك يا محمد، في ما بلغتهم من شريعة، الحكم، في كلِّ الخلافات التي تحدث بينهم، سواء كانت هذه الخلافات خلافات في الجانب العقائدي أو في الجانب الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي. {فلا وربك}، وهذا يدل على التشديد والتأكيد، لأن اليمين إنما يأتي في مقام رفض ما ينكره الآخر أو ما يشك به {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم}، والشجار وهو كناية عن الخلاف، {ثم} إذا حكمت بينهم في ما شجر بينهم {لا يجدوا في أنفسهم حرجا}ً ضيقاً {مما قضيت ويسلموا تسليماً} (النساء/65)، وهذا هو الإسلام.
ويقول تعالى أيضاً: {ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} (الأحزاب/36)، أي أن المؤمن لا يملك الحرية أمام حكم الله وحكم رسوله، لأن معنى الإيمان هو هذا الالتزام والخضوع المطلق لله سبحانه وتعالى، فهؤلاء الناس قد تحدَّث الله عنهم بأنهم إذا وقعت الخلافات بينهم فإنهم يتحاكمون إلى الطاغوت، أي إلى شريعة الطاغوت وإلى رمز الطاغوت في المجتمع، {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت}، ويذكر أن القصة في هذه الآية كانت في مناسبة ذهاب عددٍ من المنافقين إلى اليهودي كعب ابن الأشرف، أي أنهم تركوا النبي (ص) وذهبوا إلى كعب اليهودي ليتحاكموا عنده، {وقد أمروا أن يكفروا به» أي بالطاغوت، والكفر بالطاغوت هو عدم اعتباره أساساً للشريعة، وعدم التحرك في الإقرار بما يحكم به أو الرجوع إليه، {ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً} (النساء/60)، ولكنهم بذلك خضعوا للشيطان الذي دخل إلى أفكارهم وإلى قلوبهم وإلى حياتهم فاتبعوه.
وبذلك تركوا حكم الله تعالى وأخذوا بحكم الطاغوت {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول}، بما أنكم قد أعلنتم الإسلام وأعلنتم الإيمان، والإسلام يفرض عليكم الخضوع لما أنزله الله سبحانه وتعالى من أحكام، وما شرَّعه الرسول بأمر من الله سبحانه وتعالى من قضاء، تعالوا، وانسجموا مع ما أعلنتم من إسلامكم وإيمانكم لرسول الله وللمجتمع المؤمن من حولكم، {رأيت المنافقين يصدُّون عنك صدوداً} (النساء/61)، فهم يعرضون عنك ويبتعدون عنك ولا يتجاوبون مع هذه الدعوة التي تلزمهم بمقتضى التزامهم الظاهري بالإسلام.
ثم يتحدَّث عن هؤلاء عندما يقعون في مشكلة ولا يجدون من ينقذهم من هذه المشكلة، أو لا يجدون أي حل لهذه المشكلة إلا الرجوع إلى الرسول (ص)، {فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدَّمت أيديهم}، وما كسبت أيديهم مما ينـزل بهم من المصائب في حياتهم، {ثم جاؤوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحساناً وتوفيقاً} (النساء/62)، عندها يقولون نحن لا نريد إلاّ الخير، ونريد أن نحل المشاكل بطريقة وبأخرى {أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم} يعلم أنّ قلوبهم مملوءة بالكفر الذي يخالف ما يعلنونه في المجتمع الإسلامي {فأعرض عنهم}، أي لا تقبل عليهم، ولا تشعرهم بالمودة، ولا تشعرهم بالشرعية، لأنهم خالفوا حالة الصدق في مطابقة الباطن للظاهر في مسألة الإيمان، {وعظهم}، وبيِّن لهم النتائج السلبية التي تترتب على خط النفاق الذي يأخذون به ويسيرون عليه {وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً} (النساء/63)، قولاً حاسماً حازماً.
ثم يبيّن لهم أن قضيَّة الرسول ليست في ما يمثله من رمزٍ للجماعة أو كما هو رمز القبيلة، ولكنَّ الرسول يمثِّل رسالة الله سبحانه وتعالى، فهو الشخص الذي أراده الله أن يبلِّغ رسالته: {يا أيها النبي إنّا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً* وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً} (الأحزاب/45-46) إنك جئت من أجل أن تضيء عقول الناس وقلوبهم وحياتهم لتقودهم إلى الصراط المستقيم الذي تؤكده رسالات الله سبحانه وتعالى. فالإيمان بالرسول يمثِّل طاعة الرسول، لا أن تقول أشهد أن محمداً رسول الله ثم لا تطيعه في ما بلّغه: {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول} (المائدة/92) من أطاع الرسول فقد أطاع الله، وهكذا: {إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} (آل عمران/31)، فطاعة الرسول متداخلة مع طاعة الله سبحانه وتعالى. ثم يقول تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله}، هذا الإذن من الله للناس بأن يطيعوا النبي، لأن النبي لا يمثل شخصه بالمعنى الذاتي للشخص، وإن كان شخصه يمثِّل كلَّ الرسالة لأنه القرآن الناطق، فالله أراد له أن يجسِّد الرسالة في كلامه وفي فعله، ولذلك جعله قدوة، وأراد للناس أن يطيعوه في كلامه، وأن يقتدوا به في عمله، وهكذا أراد تعالى أن يقتدوا بالرسول (ص) في كل ما قاله وفي كل ما فعله.
{ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم}، بالكفر الباطني الذي اختزنوه في داخل نفوسهم {جاؤوك فاستغفروا الله}، يعني وقفوا أمامك وتراجعوا عما هم فيه وأعلنوا توبتهم إلى الله بطريقة الاستغفار، {واستغفر لهم الرسول} أي أكد استغفارهم بأن دعا الله سبحانه وتعالى أن يغفر لهم {لوجدوا الله توّاباً رحيماً} (النساء/64)، لأن رحمة الله وسعت كلَّ شيء، والله سبحانه {هو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون} (النساء64).
ثم يؤكد في الآية التي ذكرناها: {فلا وربك لا يؤمنون} مسألة السلوك الذي سلكوه، وهو التحاكم إلى الطاغوت، ليبين لهم أنهم ما داموا يتحاكمون في خلافاتهم إلى غير شريعة الله، وإلى غير ما جاء به القرآن والسنّة النبويّة الشريفة، فهم لا قربى لهم إلى الله، وليسوا مؤمنين.
{حتىّ يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت} أيّاً كان القضاء، سواء كان في ما يحبّون أو في ما لا يحبّون {ويسلّموا تسليماً} (النساء/65) لأن هذا هو الإسلام {إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لربِّ العالمين} (البقرة/131).
ونستوحي من هذه الآيات أن الكثيرين من الناس قد يصلّون ويصومون، ولكنهم عندما يدخلون في خلاف مع بعض الناس، فإنهم يرفضون التحاكم إلى الشريعة الإسلامية، ولا سيّما إذا سألوا وعرفوا بأن الشريعة الإسلامية قد لا تحكم بما يحبونه أو يرغبون فيه، فيذهبون إلى الحكام الذين لا يلتزمون بالشريعة الإسلامية، وينطلقون من خلال القوانين الوضعية التي وضعها الناس في مواجهة حكم الله سبحانه وتعالى.
وهؤلاء من الذين قال عنهم الله إنهم يتحاكمون إلى الطاغوت وإن صلّوا وصاموا وحجّوا واعتمروا، لأنّ الله سبحانه وتعالى يقول: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم} فإذا لم يحكموا النبي (ص) _ وتحكيم النبي هو تحكيم شريعته _ وحكّموا غير الشريعة الإسلامية، فإن ذلك يمثل التحاكم إلى الطاغوت.
غدآ تتفتح الزهور
غدآ تتفتح الزهور

عدد المساهمات : 940
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 05/01/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى